دعماً للمؤسسات الحكومية يواصل أساتذة كلية الآداب إلقاء محاضرات علمية فيها ، مُلبين النداءات التي توجه إليهم خدمة للمصلحة العامة , بدعوة من الجهاز المركزي للإحصاء بوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ببغداد ، ألقى الدكتور فارس كمال عمر نظمي محاضرةً في مبنى الوزارة بتأريخ 16/10/2011م حضرها السيد رئيس الجهاز المركزي للإحصاء وعدد من المدراء العامين والباحثين في الوزارة . تضمنت المحاضرة استعراضاً نظرياً وميدانياً لمفهوم “الحرمان النسبي العراقي المُدرَك”، الذي سبق للدكتور فارس أن اشتقه للمرة الأولى في العراق ، على أساس مجموعة من المنطلقات النظرية والإجراءات القياسية الإحصائية التي أكسبت المفهومَ وأداةَ قياسه الصدقيةَ اللازمة لتداولهما في الدراسات المسحية النفسية والاجتماعية ذات الصلة. كما قدم المحاضر مقترحاً بتوظيف هذا المقترح في مسوح الأحوال المعيشية التي يجريها الجهاز المركزي للإحصاء .
 

                                      عنوان المحاضرة

(( الحرمان النسبي العراقي المُدرَك بين التنظير والقياس ))

مستخلص المحاضرة

الحرمان بالمعيار الاقتصادي أو الموضوعي هو تعبير عن النقص في “إشباع الحاجات الأساسية” نسبةً إلى عتبة إشباع تمثل الحد الفاصل بين حالات الحرمان ومستويات المعيشة الأخرى. أما الحرمان بالمفهوم النفسي فيعكس وجهة نظر الفرد أو الجماعة حيال الأوضاع الحياتية السائدة. فبعض الأفراد قد يشعرون بالفقر، بالرغم من إنهم لا يُعدّون فقراء سواء بالمعيار الموضوعي أو بنظر المجتمع. كما إن دخلَ بعض الأفراد قد يكون عالياً بالمعيارين الموضوعي والتقليدي لكنهم يرونه قليلاً نسبةً الى معاييرهم المتوقعة.
على أساس هذه الرؤية، انبثق مفهوم “الحرمان النسبي” Relative Deprivation في أربعينات القرن الماضي ليصبح واحداً من أهم المفاهيم الأكاديمية “النفسية – الاجتماعية” المفسرة للثورات وحركات التغيير الاجتماعي. فالعامل الحاسم في إحداث الحرمان هو ملاحظة الفرد لأوضاع الآخرين وإدراكه لمستوى مخرجاتهم نسبةً إلى مخرجاته، وليس المعيار المطلق لقيمة تلك المخرجات. فإذا كانت توقعات الفرد بالحصول على إشباع لحاجاته ومطالبه الأساسية، أكثرَ مما تم تحقيقه فعلاً، يشعر عندها بالحرمان النسبي نتيجة نقصان الحاجات الحقيقية عما هو متوقع. ويؤدي هذا الحرمان في حالات كثيرة الى الغضب والتفكير الهجومي والاحتجاج وأنماط العنف الاجتماعي والسياسي المتنوعة.
وقد درس الباحث في أطروحته للدكتوراه 2009م وفي بحث آخر أعقبها 2011م، مفهومَ الحرمان النسبي ميدانياً لدى فئة العاطلين عن العمل في مدينة بغداد، فاجتهد في اشتقاق وقياس مفهوم  “الحرمان النسبي العراقي المُدرَك” Perceived Iraqi Relative Deprivation للمرة الأولى في العراق، على أساس مجموعة من المنطلقات النظرية والإجراءات القياسية الإحصائية التي أكسبت المفهومَ والأداةَ معاً الصدقيةَ اللازمة لتداولهما في الدراسات المسحية النفسية والاجتماعية ذات الصلة. وقدم للمفهوم التعريف الآتي: ((إدراك الفرد العراقي للتناقض بين ما يحصل عليه مجتمعه العراقي فعلاً، وبين ما يعتقد أنه يجب أن يحصل عليه، من السلع وظروف الحياة، بالمقايسة مع المجتمعات الأخرى في العالم)).
واستند الباحث في تصميمه لأداة القياس هذه إلى معايير اقتصادية واجتماعية متعددة محلية وأجنبية، من بينها تلك الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء في “مسحه للأحوال المعيشية في العراق 2004م”، إذ تألفت هذه الأداة من سبعة مجالات للقياس هي:
• المستوى الاقتصادي: أي مستوى المعيشة من دخل ومدخرات وأثاث وسلع منزلية ومعدل إعالة.
• فرص التعليم: أي الامكانات المتاحة للتحصيل الدراسي الرسمي بكافة أنواعه ومراحله.
• الخدمات الصحية: أي الحقوق الصحية المتوافرة، بما تتضمنه من كلفة الفحص والعلاج الطبيين، وتوافر المستشفيات والصيدليات، ومديات انتشار الأمراض وسوء التغذية.
• البنى التحتية: أي الخدمات العامة، كالطاقة الكهربائية، والمياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي للمياه الثقيلة، والتخلص من النفايات.
• السكن: أي ظروف السكن المتضمنة لنوعيته، ومساحته، وملكيته، ومدى اكتظاظه.
• الدعم الحكومي: أي جملة الاجراءات الحكومية الهادفة لإسناد المواطن العراقي اقتصادياً واجتماعياً، كتوفير فرص العمل، والضمانات الاجتماعية.
• المكانة الاجتماعية: أي المنزلة الاعتبارية أو القيمة الانسانية التي يتمتع بها الفرد العراقي داخل مجتمعه.
أما أسلوب القياس فقد عمد إلى تطوير طريقة أسماها “السلّم المقايـِس” تتضمن حساب فجوة الحرمان النسبي التي يعانيها الفرد العراقي في المجالات السبعة السابقة الذكر منفردةً ومجتمعةً.
ولذلك يقترح الباحث أن يتم إدماج هذه الأداة (أي مقياس الحرمان النسبي العراقي المُدرَك) ضمن المسوحات القادمة للجهاز المركزي للإحصاء، واعتبارها إحدى المعايير النفسية الاجتماعية التي تستوجب القياس لدى الأسرة العراقية، بهدف إيجاد علاقة الحرمان النسبي العراقي بأصناف الحرمان الموضوعي التي تقيسها تلك المسوحات، ما يوفر عمقاً جديداً كاشفاً لأبعاد إضافية ينطوي عليها موقف الفرد العراقي من مسألة الحرمان وتأثيراته السلوكية المحتملة .

نبذة عن السيرة العلمية للباحث

• فارس كمال عمر نظمي
• دكتوراه علم النفس الاجتماعي/  بكالوريوس هندسة مدنية
• يعمل تدريسياً بقسم علم النفس- كلية الآداب- جامعة بغداد
• عضو مؤسس للجمعية النفسية العراقية
• عضو الجمعية الأوربية لعلم النفس الاجتماعي EASP
• عضو الجمعية الدولية لبحوث العدالة IJSR
• عضو نقابة المهندسين العراقية 
• عضو الإتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق.
• صدر له :
– المحرومون في العراق / بيروت 2010م
– مقالات ودراسات في الشخصية العراقية /  بيروت 2010م
– سنحاول أن نزهر (مجموعة شعرية)/ بغداد  1996

الباحث
د.  فارس كمال عمر نظمي

[email protected]

Comments are disabled.