شيخ بغداد حسين علي محفوظ

 

حسين محفوظ من أشهر مؤرخي بغداد عرف بموسوعيته حتى أطلق عليه لقب (شيخ بغداد) و(شيخ الأدب) و (المكتبة المتنقلة) و (دائرة معارف سيارة) لكنه كان يعتز بلقب شيخ بغداد لعشقه الكبير لمدينته التي ولد ونشأ فيها. ويعد محفوظ من قامات بغداد العلمية في التاريخ والتراث والثقافة. وعدّه بعض الباحثين من بقية كبار العلماء في التاريخ العربي والإسلامي أمثال ابن سينا والرازي وابن الهيثم وجابر بن حيان والكندي والفارابي والطوسي وغيرهم.

السيرة والأسرة

ولد حسين محفوظ في ٣ أيار عام ١٩٢٦ الموافق ٢٠ شوال ١٣٤٤ هـ في شارع قريش بمدينة الكاظمية المقدسة في أسرة عريقة تعرف بآل محفوظة، وتنتمي لقبيلة بني أسد العربية، وتنتسب إلى محفوظ ابن وشاح (٦٩٠ هـ) من علماء العراق في القرن السابع الهجري. فهو حسين علي بن الجواد بن موسى بن محفوظ الوشامي. درس جده الشيخ محمد جواد محفوظ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف ثم أكمل تحصيله في سامراء. وأم حسين محفوظ هي العلوية خديجة بنت السيد هاشم بن محسن بن هاشم الحسيني التي يعود نسبها إلى الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب (ع).
توفي والده الشيخ علي وترك ولده الصغير حسين يعاني من الحرمان وحنان الأبوة ، فكفله عمه الأستاذ محمد محفوظ الذي أولاه اهتمامه ورعايته، وتولى تربيته ونشأته. فتح حسين عينيه على مكتبة عمه حيث نهل من كتبها وعلومها. إذ اطلع على كتب العلم والتراث والتاريخ والأدب. وتتلمذ على يد أفاضل أسرته ، فقرأ مقدمات المنطق والأصول والحديث والتفسير والدعاء ونهج البلاغة ودرر الأدب العربي من الشعر والبلاغة.

في عام ١٩٣٣ دخل المدرسة الابتدائية في مدرسة الانباريين الكاظمية ، ثم انتقل إلى مدرسة الكاظمية الأميرية حيث أكمل الدراسة المتوسطة فيها. بعد ذلك درس المرحلة الثانوية في الثانوية المركزية ببغداد.
ثم تخرج من دار المعلمين العالية ببغداد (كلية التربية) بتخصص اللغة العربية بدرجة الامتياز عام ١٩٤٨ . نال شهادة الدكتوراه في الأدب المقارن عام ١٩٥٥ ثم أصبح مفتشاً للغة العربية في وزارة المعارف عام ١٩٥٦. وعمل في التدريس بكلية الآداب جامعة بغداد ، وألقى محاضرات في جامعة لينيغراد (بطرسبوغ) في روسيا،لمدة ثلاث سنوات لينال بعدها لقب أستاذ المستشرقين عام ١٩٦٩. إضافة إلى جامعات عالمية أخرى.
إضافة إلى دراسته في الحوزة العلمية في النجف الأشرف ، أكمل محفوظ دراساته العليا في إيران وتخصص باللغة الفارسية وعمل في كلية اللغات بجامعة بغداد في قسم اللغة الفارسية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين. ونال شهادة الدكتوراه في الاتحاد السوفياتي السابق حول الدراسات الشرقية.
من خلال الشيخ محمد رضا الشبيبي اتصل محفوظ بمجمع اللغة العربية بدمشق سنة ١٩٥٠. وفي عام ١٩٥٦ رشحه الشبيبي لعضوية مجمع اللغة العربية في القاهرة.
درس محفوظ في النجف الأشرف، وحضر مجالس العلماء والتقى بالمراجع والمجتهدين، ولازم الشيخ أغا بزرك الطهراني صاحب كتاب (الذريعة) الشهير. وكما زار الفقهاء الكبار كالسيد الخوئي الذي قال عنه عام ١٩٧١ (أما محفوظ فهو مجتهد أفندي). وكان يرافقه في زياراته الشيخ محمد رضا المظفر والشيخ محمد علي اليعقوبي.
وقد حصل حسين محفوظ على إجازات علمية من كلار المراجع والفضلاء. وقد سميت إجازته العامة المطلقة بـ(جنة الجنتين).

نشاطاته الثقافية

يعد العلامة محفوظ من أعمدة المجالس الأدبية والثقافية مثل مجلس الخاقاني ، مجلس الشعرباف ، السيد هبة الدين الشهرستاني ، مجلس الصفار ، منتدى بغداد الثقافي، مجلس الربيعي وغيرها. وكان محفوظ يلقي محاضرات نوعية تاريخية أو ثقافية أو لغوية. إذا كان يتمتع بذائقة أدبية وأريحية ودقة في عرض الموضوع. كما كان يلقي أبياتاً من الشعر أثناء محاضرته.
ولمحفوظ مساهماته الصحفية حيث كان ينشر مقالاته ودراساته في الصحف العراقية والعربية مثل جريدة الجمهورية ومجلة المصور العربي. ومن آخر ما نشر له مقال عن بيت الحكمة بملحق بغداديات بجريدة الدستور. وكان محفوظ حجة ومرجعاً في علم الأنساب. كما أنه من عشاق التراث العربي والإسلامي. وممن المعنيين والمتخصصين بحفظ الوثائق والتعامل معها.
بدأت موهبة محفوظ بالشعر في سن مبكرة، فكتب أول قصيدة في وصف الربيع عام ١٩٣٩ عندما كان له من العمر ثلاثة عشر عاماً . وعندما بلغ السادسة عشر كان قد كتب ثلاثة دواوين شعرية هي (عبث الصبا) و (روائح الشباب) و (يواقيت الوشاح). وعندما دخل دار المعلمين العالية أصدر ديوانين آخرين هما (شقائق) و(المحنة). وعندما كان خارج العراق هاج به الشوق والحنين للوطن وأهله فأصدر ديوان (كربة الغربة). وسمى شعره بعد الأربعين (ثمالة الكأس). وقال عن شعره في تلك المرحلة: (هي قصائد ومقطوعات وأبيات معدودة أحبها وأحسبها من القليل الجدير بالخلود والبقاء في شعري). وعن إحساسه بالشعر يقول محفوظ (إذا كان لابد في شعري ، فأنا لم أتكلف نظمه، بل كنت أحس في نفسي حاجة إلى قرضه). امتاز شعر محفوظ بالالتزام والرصانة ، فهو لا يقول الشعر للمدح واللهو ، بل يكتب الشعر عندما يشعر أن هناك حاجة له.

أعماله الموسوعية

عرف محفوظ بأعماله الموسوعية التي تشمل مجالات كثيرة تفوق فيها كلها. فهو مؤلف موسوعي ، كتب في التأريخ والادب واللغة والانسان والفلك والعروض وعلم الحديث وله نظريات في قضايا الاصول ومصادر الحديث والتجويد وعلوم القرآن والفلسفة والرياضيات والطب .
كتب محفوظ في التاريخ والأدب والسيرة النبوية وعن شخصيات أدبية وشعراء من الماضي. إذ أصدر عام ١٩٥٢ كتاب (أمهات النبي) ، وعام ١٩٥٧ (المتنبي وسعدي) ، وعام ١٩٥٧ (صحيفة الرضا (ع))، و(فضولي بغداد) عام ١٩٥٩، و(تراث اقبال) عام ١٩٧٧، و (عراقيات الكاظمي) عام ١٩٦٠ ، و(تاريخ المتنبي في الأدب الفارسي) و (سعدي خريج بغداد في العصر العباسي الأخير).
وضع محفوظ علم المخطوطات عام ١٩٧٥ وجمع ضوابطه وقواعده ومسائله ومصطلحاته وتعريفاته. وكتب فيه (مصطلحات المخطوطات) و (مصطلحات المكتبة العربية) و (مصطلحات الخط) و (مصطلحات الرسم والنقش والتزويق). كما وضع فهرست المخطوطات لعدد من دور الكتب والخزائن والمكتبات الخاصة لاسيما في العراق وإيران وأذربيجان وروسيا.
في سنة 1981وضع محفوظ (نظرية التأصيل) في تأصيل التراث العربي والإسلامي بأسلوب منهجي وأبتكر (دائرة التأصيل) للتطبيق والإيضاح, ومن أعماله المهمة في الخط (الدلائل الأدبية على قدمية الخط العربي) وقد حقق أن الخط العربي هو خط سدس لغات العالم تقريباً كما كتب في الفلسفة كتاب (من أجل الإنسان) سنة 1959.
يحمل محفوظ إجازة في التصوف تبركا.. وقام برسم شجرة الصوفية.. وقد منحه إجازة الصوفية السيد عبد الحجة البلاغي حامل لواء الطريقة العلية التي تنتهي إليها جميع الطرائق القادرية والرفاعية والنقشبندية والكسنزانية والمولوية وغيرها وأم الطرق هي الطريقة المعروفية وتنتهي اليها الطرق الصوفية وأمهات السلاسل في سائر البلاد. وشجرة الصوفية هي عبارة عن شجرة تحوي أسماء الطرق وأقطابها وشيوخها والسند المسلسل المعنعن (عن فلان.. عن فلان).
قام محفوظ بدور مهم في مجال معرفة آثار اللغة العربية في اللغات الشرقية وانجز عددا من معاجم اللغة والاضداد والالوان والنقود والرموز والآلات. واهتم بتواريخ البلدان ولعل من أبرز ما انجز في هذا الصد المجلدات السبع من موسوعة العتبات المقدسة (1965 ـ 1967) . وله آثار في ميدان التراجم وسير الرجال والمشاهير.
أما نشاطاته العلمية فقد شارك ومثّل العراق في عشرات المؤتمرات العالمية والاستشراقية والندوات والمجالس العلمية والحلقات الدراسية والمهرجانات الأدبية في البلدان العربية والأجنبية. منذ سنة 1954
انتخب عضواً باللجنة الأدبية في بعض المجامع العلمية في الشرق فقد انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1956والمجمع العلمي الهندي في علي كرة سنة 1976 كما انتُخب عضو شرف في العديد من المجامع العلمية العالمية منها الجمعية الآسيوية- الملكية في لندن عام 1961.
منحته جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة في العالم شهادة الاستحقاق والتقدير العالي المساوية للدكتوراه في دراسات الحضارة الإسلامية عام 2006. احتفت به الجمعية الآسيوية الملكية في لندن بتاريخ 10-12-2004 بمناسبة مرور نصف قرن على انضمامه لها. استضافته جامعة هارفرد في المؤتمر العالمي الفلسفي. نال جائزة أحسن كتاب العام 1958.نال الجائزة العالمية للكتاب سنة 2005.كرمه اتحاد مجالس البحث العلمي العربية. كرمته الجمعية الدولية للمترجمين واللغوين العرب كأفضل مبدع سنة 2007.

كانت أطروحة الدكتوراه التي قدمها العلامة محفوظ في نهاية عام 1955م في الأدب المقارن انتقالة نوعية في حياة محفوظ الفكرية. وعلى الرغم من أن الموضوع كان في الأدب بشكل عام إلا أن المقارنة التي أجراها محفوظ بين عملاقي الشعر في كل من العراق وإيران وهما أبو الطيب المتنبي وسعدي الشيرازي بوصفهما علمين من أعلام الشعر والأدب كان له تأثير كبير جداً على مجرى حياة محفوظ الفكرية بشكل عام، وما يتعلق منها بالشعر بشكل خاص حيث مر الرجل وهو يصول ويجول بين أكثر من ست مئة مصدر أغلبها كان على شكل دوواين شعرية، كما جاء في مقدمة أطروحته التي طبعها عام 1957، (المتنبي وسعدي ، أثر الثقافة العربية في سعدي الشيرازي) والتي ساعدت وزارة المعارف العراقية على طبعها.
كان محفوظ يقارن بين الرجلين والمقارنة هنا ليست المفاضلة إذ (ربما يفهمها البعض كذلك) وإنما هي حالة من التوغل في الفكر على مستوى المنابع والوسائل والنتائج على حد سواء مما أعطى لعلامتنا الفاضل فرصة لأن يعوم بالفكر الفارسي على مستوى الأدب والنثر والشعر متمثلاً بنتاج سعدي الشيرازي الأدبي وممن أخذ من الشعراء العرب حيث يحصي محفوظ عدد الشعراء العرب الذين راجع دواوينهم لغرض إتمام أطروحته وهم أكثر من سبعين شاعراً عدا الشعراء الفرس وعددهم أكثر من خمسة وعشرين شاعراً.
يقول العلامة محفوظ في مقدمة كتابه أعلاه: وقد أمعنت النظر في ديوان سعدي وهو مجلد ضخم الحجم قوامه أربعة كتب في زهاء ( 1300 ) صفحة عدة أشعارها نحو من ( 17000 ) بيت، بله النثر وتتبعت مآخذه من الثقافة العربية وتوسعت في الكشف من أصول أفكاره ومعانيه في القرآن ، وأحاديث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وكلام الصحابة وآثار السلف، والأمثال القديمة، والأخبار والقصص، وكتب الأدب ودواوين الشعر مستمداً ذلك من مراجع كثيرة أنافت على (500) كتاب، عدا عما لم أشر إليه من كتب يصعب استقصاؤها، وأسفار تعذرت على الإحصاء، وانتهيت في البيان إلى ديوان المتنبي الذي هو عمدة الكتاب، وأصل الغرض ومغزى الكلام وذات الموضوع والمعاني المتنبية التي اقتبسها سعدي من ديوان المتنبي وترجمها بالفارسية نيف ومئة في ثلاث مئة موطن تقريباً من شعره ونثره.

ذكرياتي مع محفوظ
تعرفت على الشيخ محفوظ والتقيت به عدة مرات في بعض المجالس الثقافية والأدبية في بغداد مثل مجلس الصفار الذي يقام في الكاظمية في الحديقة الخلفية لمنزل الصفار. وكانت تتخلل البرنامج عدة فقرات أدبية وتاريخية ، إضافة إلى تكريم بعض الشخصيات العلمية المعروفة. وكان يصدف أن يكون مجلسي بجوار الشيخ محفوظ فنتبادل بعض أطراف الحديث، إضافة إلى التعليقات الساخرة التي يطلقها على بعض القضايا. وكان عريف البرنامج يطلب مني أحياناً إلقاء كلمة فأقوم بتلبية طلبه وأتحدث عن بعض الأمور المطروحة.
والتقيته في مرة في مكتبة الجوادين (ع) التي أسسها السيد هبة الدين الشهرستاني في الصحن الكاظمي الشريف. والمكتبة تضم قبر الشهرستاني إضافة إلى كتبه ومصنفاته ومؤلفات أخرى في شتى العلوم. وكان أحفاد هبة الدين وهم أولاد ابنه جواد الشهرستاني وزوج ابنته يديرون المكتبة ويقيمون ندوة أسبوعية يلقي فيها أحد الشخصيات محاضرة ثم يناقشه الحاضرون فيها. وفي أحد المرات ألقيت محاضرة بعنوان (الشريعة الإسلامية والقانون الدولي).
إزدادت صلتي بالشيخ محفوظ حتى قررت زيارته في منزله بالكاظمية حيث يسكن وحيداً بعد وفاة زوجته وأن ولده الوحيد (علي) يقيم في لندن ، ولا يأت إلى بغداد. وكان يساعده في شؤونه أحد الأشخاص الذي لا يتوان في تلبية طلباته .
في أحد صباحات يوم شتائي من عام ٢٠٠٥ طرقت باب منزل محفوظ ، ففتح المساعد الباب ، ثم قادني إلى حيث يجلس شيخ بغداد على كرسيه أمام باب الدار الخشبي القديم. وكان يحيط به عدد من المحبين والطلاب. في البداية كان مجلسي أمامه ، بعد تبادل الحديث ومغادرة بعض الحاضرين جلست بجواره . تحدثنا في كثير من الأمور منها رحلته الأكاديمية والدول التي زارها ونتاجه الفكري والأدبي. كما حدثته عن أطروحتي الماجستير والدكتوراه اللتين قدمتهما لجامعة لايدن بهولندا. وحدثته عن الحياة الأكاديمية في الغرب والمنهج العلمي والنقدي في جامعة لايدن.
وقد قدمت له كتاب الصحيفة السجادية. وبالمقابل أهداني مصحفاً صغيراً بحجم عقدتين من إصبعين.
وفي نهاية المجلس طلبت منه مشاهدة مكتبته ، ففزع وكأنه قد لدغه ثعبان، وبعد هنيهة انتبه وهدأ وقال: وهل يكشف شخص عن عورته؟ استغربت كلامه ، ووصفه المكتبة بالعورة! فقلت له: ولماذا هي عورة برأيك؟ فقال: لا أحب أن يرها أحد بهذا الحال المزري. فقلت: وهل يُعقل أن تكون مكتبة العلامة محفوظ بحالة مزرية؟ فسكت وغيّر الحديث. فسألته عن رحلاته وإلقائه المحاضرات في دول أخرى فتحدث باسهاب. وقبل أن أنهض من كرسيي نادى على مساعده قائلاً: أره المكتبة. عندما شعرت بالسعادة لأنني سأرى مكتبة محفوظ التي منع الآخرين من رؤيتها.
دخلت المكتبة متوقعاً وجود خزانات ورفوف من الكتب والمجلدات، لكنني فوجئت بكتب مصفوفة فوق بعضها البعض حتى بلغ ارتفاعها المتر تقريباً. ويعلوها التراب والغبار الذي بدا وكأنه مضى عليه أعوام طويلة دون أن تمتد إليه يد لتنفضه. وشاهدت إطاراً علقت فيه أوسمة ونياشين بعضها باللغة الروسية والفارسية. وكان يعلوها الغبار أيضاً. وبين الكتب المصفوفة توجد ممرات ضيقة لكنها تسمح بمرور شخص يمشي من جهة إلى أخرى. وحين تجولي في هذه المكتبة الفريدة سمعت أصوات قضم وطقطقة حتى رأيت بعض الفئران تتقافز هنا وهناك. وحينها أصبت بالإحباط لأنها قد تدمر الكتب والمؤلفات وفيها مخطوطات كثيرة.
خرجت من المكتبة فرأيت غرفة النوم في حالة يرثى لها ، فالستائر وأغطية السرير والأثاث والمرأة يعلوها الغبار والدهون المتكلسة. ثم دلفت إلى المطبخ فلم تكن حالته بأفضل من غرفة النوم.
وفي الزيارة اللاحقة جلبت معي مكنسة كهربائية سلمتها لمساعد محفوظ وطلبت منه الاعتناء بالمنزل وإزالة الغبار والأتربة ليكون لائقاً بشيخ بغداد.
بمناسبة مرور ٨٠٠ عام على بناء العتبة الكاظمية ، وصلتني رسالة من العلامة محفوظ يقترح فيها إقامة مهرجان بهذه المناسبة. وكان مما اقترحه مسيرة كرنفالية من العربات التي تجرها الجياد أو الربلات كما تسمى في بغداد. وأن يجري تزيين العربات بالورود والأشغال التراثية البغدادية. كما اقترح إصدار مسكوكات تحمل صورة المشهد الكاظمي مع المناسب. وتضمن إصدار كتيبات تعريفية بالحضرة الكاظمية ، ونشر كتب تتناول المرقد الكاظمي عبر التاريخ إضافة إلى الكارتات الملونة والتراثية للعتبة الكاظمية.
وفاته
عانى حسين محفوظ من الوحدة بعد وفاة زوجته في لندن حيث يعمل ولده طبيباً . توفي محفوظ اثر أزمة قلبية في مستشفى ابن البيطار بعد أسبوع من مكوثه هناك. في يوم الاثنين ١٩ كانون الثاني ٢٠٠٩ فاضت روحه عن عمر يناهز الثلاثة وثمانين عاماً. تم تشييعه بحضور مئات من محبيه وطلابه والمثقفين والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين. ووري الثرى في الصحن الكاظمي الشريف.
وقد علمت أن أمانة بغداد اشترت دار محفوظ من ولده وبصدد تحويله إلى متحف لشيخ بغداد يضم كتبه ومقتنياته ليكون معلماً من تاريخ بغداد الفكري والثقافي.
ووفاء لشيخ بغداد أطلقتُ اسمه على إحدى قاعات المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي وسميت بـ (قاعة حسين محفوظ). كما سيمّ إحدى المكتبات العامة في منطقة العطيفية باسم (مكتبة حسين محفوظ العامة) ، وسميت الحديقة المجاورة للمكتبة باسم (حديقة العلامة حسين علي محفوظ).

مؤلفاته
ترك محفوظ مئات من الكتب والتصانيف الأدبية والعلمية حتى بلغت (١٥٠٠) كتاب مطبوع ومخطوط ينتظر الولادة. من أهم مؤلفات محفوظ هي:
١-أمهات النبي لابن حبيب ،1952
٢- رسالة الفراشة لابن الخوام البغدادي 1954
٣- شرح عينية ابن سينا للسيد نعمة الجزائري 1954
٤- المنتخب من أدب البحرين 1954
٥- سيرة الكليني 1955
٦- رسالة في الهداية والضلالة لابن عباد 1955
٧- رسالة في تحقيق لفظة الزنديق لابن كمال باشا 1956
٨- المتنبي وسعدي ، 1957
٩- اربعون حديثا للشيخ حسين عبد الصمد الحارثي 1957
١٠- صحيفة الرضا عليه السلام في الاحاديث النبوية 1957
١١- ديوان ابن سينا 1957
١٢- فتيا فقيه العرب لابن فارس 1958
١٣- فضولي البغدادي 1959
١٤- عراقيات الكاظمي 1960
١٥- ابن الكوفي 1961
١٦- كتاب الادوار في معرفة النغم والادوار لصفي الدين الارموي 1961
١٧- حمزة بن الحسن الاصفهاني : سيرته وآثاره 1962
١٨- سعدي خريج بغداد في العصر العباسي الاخير 1963
١٩- أراء حمزة بن الحسن الاصفهاني في اللغة والتاريخ والبلدان 1964
٢٠- معجم الموسيقى العربية 1964
٢١- العلاقات والرموز عند المؤلفين العرب قديما وحديثا 1964
٢٢- الشيخ محمد عياد الطنطاوي 1964
٢٣- اثر اللغة العربية في اللغة التاجيكية 1964
٢٤- الورقات في اصول الفقه لامام الحرمين الجويني 1970
٢٥- الحدود والحقائق للبريدي الابي 1970
٢٦- مختار ديوان ابن الخيمي 1970
٢٧- قواعد اللغة الفارسية (بالاشتراك مع الدكتور زهتابي) 1972
٢٨- شعر جلال الدين الدواني 1972
٢٩- نظرة في تراث البحرين /1972
٣٠- معجم الاضداد 1973
٣١- مختصر معجم الاضداد 1973
٣٢- الصنعاني 1974
٣٣- اثر اللغة العربية في اللغة الفارسية 1974
٣٤- آثار حبشي التفلسيس 1975
٣٥- تأثير اللغة العربية في اللغة التركية 1975
٣٦- الفارابي في المراجع العربية 1975
٣٧- مؤلفات الفارابي (بالاشتراك مع الدكتور جعفر آل ياسين) 1975
٣٨- العناصر العربية في حياة الفارابي وثقافته ونتاجه 1975
٣٩- علم المخطوطات 1976
٤٠- مصادقة الاخوان لابن بابويه 1976
٤١- اثر اللغة العربية في اللغة الاوردية 1977
٤٢- دوائر المعارف والموسوعات العربية 1977
٤٣- قاموس الموسيقا العربية 1977
٤٤- نظرة في تراث اقبال 1977
٤٥- فهرس مخطوطات كلية الاداب (بالاشتراك مع الدكتورة نبيلة عبد المنعم داود) 1977
٤٦- مصادر دراسة تراث البحرين 1977
٤٧- تقريب العامية من الفصحى 1978
٤٨- نظرة في تاريخ البحث والتأليف والاستشراق 1978
٤٩- تأثير المتنبي في الادب الفارسي 1978
٥٠- نظرات متفرقة في حياة أحمد الصافي النجفي
٥١- طرائف من سيرة ( محمد سعيد) الحبوبي وأدبه 1978
٥٢- الاصطرلاب العربي 1978
٥٣- سعة اللغة العربية وغناها واصالتها 1979
٥٤- ذكرى الزيتونة 1979
٥٥- نثر الفارابي 1980
٥٦- التخريج في التحقيق 1980
٥٧- فصول في علم المخطوطات 1980
٥٨- المصطلحات المعمارية في التراث العربي 1980
٥٩- المصطلحات الموسيقية في التراث العربي 1980
٦٠- مشروع أسس تحقيق التراث العربي ومناهجه1980
٦١- اثر اللغة العربية في الشعوب الشرقية 1981
٦٢- ابناء الاثير في المراجع العربية 1982
٦٣- دراسة مظاهر تأثير اللغة العربية في الفارسية 1982
٦٤- الطفل في التراث العربي 1982
٦٥- قواعد التحقيق واصوله وضوابطه 1983
٦٦- مشروع تحقيق ذخائر التراث 1983
٦٧- صورة الاستاذ في التراث 1983
٦٨- خمسة عشر قرنا من تاريخ التراث العربي في البحرين 1983
٦٩- خزائن كتب الكاظمية قديماً وحديثاً ١٩٥٨
٧٠- نفائس المخطوطات العربية في ايران ١٩٩٥
٧١- رسالة من أجل أمنا الأرض وأخينا الانسان ١٩٩٩
٧٢- رسالة إلى الانسان ٢٠٠٠
٧٣- رسالة علي بن أبي طالب البلخي دفين مزار شريف ٢٠٠٠
٧٤- رسالة جلال الدين الرومي وآثاره العربية ٢٠٠٠
٧٥- جمال الدين الكيلاني

المصادر
– موسوعة ويكيبيديا
– حسين علي محفوظ: بحوث ومجالس وذكريات ، ملاحق المدى في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٥
– العلامة حسين محفوظ ، ذاكرة التاريخ ، العتبة الحسينية المقدسة في ٢٤ أيلول ٢٠١٩
– حسين علي محفوظ شاعراً ، علي العكيدي في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٥
– الدكتور حسين علي محفوظ ، مدرسة في التأصيل والحدة ، ملاحق المدى في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٥
– العلامة حسين علي محفوظ ، سفير الحضارة العالمية ، ملاحق المدى في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٥