ضمن برنامج الزيارة التي قام بها وفد كلية الآداب في جامعة بغداد (عميد الكلية إضافة إلى الدكتور محمود القيسي الأستاذ في قسم التاريخ بالكلية) إلى ألمانيا للمدة 15 -25 تموز 2014، زيارة متحف بوركامون في برلين الذي يعد من أشهر المتاحف العالمية، ويحتوى على موجودات أثرية للعديد من الأمم والشعوب،وبضمنها تراث العراق القديم والإسلامي. وقد اطلع الوفد على موجودات المتحف المرتبطة بالحضارة العراقية القديمة مثل بوابة عشتار وشارع الموكب ومجسمات لمدينة بابل القديمة، إلى جانب العديد من اللقى الأثرية الأصلية من أختام اسطوانية ولقى أثرية أخرى تشهد على عظمة ما شيده العراقيون القدماء في العهود البابلية والآشورية، بما قدمته بعض النصوص المسمارية الموجودة. ولاحظ الوفد دقة التنظيم والصيانة المستمرة لهذه الموجودات الأثرية التي تحفظ تراث الإنسانية لآلاف من السنين. وكانت البروفسورة ماركريت فان أس، مديرة قسم الشرق الأدنى في (معهد الآثار الألماني) ترافق الوفد، المكون من أساتذة الكلية وأربعة من طلاب الدراسات العليا في قسم الآثار، وتشرح له طبيعة وتاريخ الموجودات الأثرية وتاريخها،لاسيما وإنها متخصصة في حضارة الوركاء.
وأشد ما لفت انتباهنا هو اعجابهم بآثار العراق لا سيما بابل وآشور، حيث وجدنا إعادة بناء كاملة لبوابات وحيطان من قصور نبوخذ نصر، وحمورابي وسنحاريب، كما كان هناك نقل وإكمال نواقص البوابة البابلية المسماة بوابة عشتار الحقيقية حيث نقلت قطعة بعد قطعة إلى ألمانية واستغرق بنائها حسب الترتيب الحقيقي للقطع عشرين سنة.
من جانب آخر زار عميد كلية الآداب وزميله الدكتور محمود القيسي مدينة آخن التاريخية، عاصمة شارلمان أو كارل غروسه Karl Der Grosse ، وفقا لاسمه الألماني، التي تحتفل هذا العام بمرور 1200 عام على وفاته في  28 كانون الأول عام 814 . وآخن هي مدينة تقع في غرب ولاية شمال الراين – ويستفاليا في غرب ألمانيا تبعد 60 كم إلى الجنوب الغربي من مدينة كولونيا .ويمثل كارل غروسه أهمية كبيرة في التاريخ الأوربي المعاصر، فهو الإمبراطور الذي استطاع إعادة توحيد أوربا الغربية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي، فكانت إمبراطوريته تشمل غالبية أوربا الغربية، لاسيما ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا، فشكل بذلك أساسا للاتحاد الأوربي الحالي، فعده الأوربيون عاهلا أوربيا، وأبا ومؤسسا لأوربا الحديثة. ومن هنا جاء الاحتفال به هذا العام.
لاحظ وفد كلية الآداب آثار الاحتفال في كل ركن من مدينة آخن، لاسيما في كاتدرائيتها العريقة التي شهدت تتويج شارلمان أو كارل غروسه في عام 800 ميلادية إمبراطورا. وقد زار الوفد متحفين في آخن ضمت موجودات عهد شارلمان من تماثيل ولقى أثرية. فقد زار معروضات مركز شارلمان، والقاعة الملكية.
شارك الأستاذ الدكتور محمود القيسي أستاذ التاريخ الأوروبي الوسيط في كلية الآداب جامعة بغداد في المهرجان وأهدى كتابه القيم الموسوم شارلمان وهارون الرشيد، إلى إدارة المهرجان واستقبل بترحاب وابتهاج باعتباره اسهاما من أستاذ وباحث عراقي في مهرجان غربي. والجدير بالذكر أن لشارلمان علاقات تاريخية مع الخلافة العباسية، لاسيما في عهد هارون الرشيد.
بعدها زرنا المتاحف الثلاث التي تحتوي حاجات كان يستخدمها شارلمان مثل الملابس والدروع والعصي والتيجان والقلائد الثمينة والصناديق المطرزة بالجواهر الثمينة، وأجزاء ذهبية من جسد شارلمان مطعمة بعظم حقيقي من يد وكف شارلمان ومن ساقه احضرت، كما يبدو، من قبره.

Comments are disabled.