ضيّف قسم اللغة العربية في كلية اﻵداب بجامعة بغداد القاص والروائي الكبير عبد الرحمن مجيد الربيعي الذي يزور بغداد هذه اﻷيام بعد أن استقر به المقام في تونس منذ قرابة ربع قرن.
تضمن اﻻحتفاء بالربيعي الذي شهدته قاعة العربية جلسة مفتوحة أدارها الدكتور نجم عبد الله كاظم أستاذ النقد واﻷدب المقارن، الذي قدم صورة قلمية عن عطاء الربيعي خلال مسيرته اﻹبداعية منتهيا إلى عقد مقارنة بين الكاتب والروائي اﻷميركي أرنست همنغوي، مؤكدا على أن الربيعي هو همنغوي العرب لما يمتاز به من نفس في الكتابة السردية وحرص على التجديد وابتكار الموضوعات التي يجسدها أبطاله الخاصون في رواياته وقصصه.
وقدم صاحب رواية الوشم ومجموعة القمر واﻷسوار- بدوره – عرضا لمحطات مفصلية في تجربته اﻹبداعية وما زامنها من أحداث وتحوﻻت سياسية وفكرية وثقافية أسهمت في إغناء تجربته وتجارب أدبية وفنية محايثة شكلت بمجملها ملامح ما عرف ﻻحقا بالجيل الستيني الذي يعد الجيل اﻷكثر صخبا وإشكالية في تأريخ اﻷدب العراقي، وهو الجيل الذي ينتمي له الربيعي بحكم المحدد الزمني والتأريخي حيث بدأ بنشر أعماله اﻷولى في النصف الثاني من عقد الستينيات.
     وبيّن الكاتب أن رحلته في الكتابة التي نافت على نصف قرن أثمرت أكثر من ثلاثين كتابا في مختلف اﻻهتمامات، حيث نجد القصة والرواية والشعر والكتابة النقدية فضلاً عن السيرة الذاتية، ومنوها إلى أن غالبية ما قدمه من أعمال حظي بمتابعة نقدية من دارسين وباحثين أكاديميين في رسائل وأطاريح لم تقف عند العراقيين والعرب منهم، بل تجاوزت ذلك إلى باحثين ونقاد أجانب وبلغات متعددة، وهذا ما استدعى أن تترجم بعض أعماله إلى لغات عالمية مختلفة.
جلسة اﻻحتفاء بالكاتب العراقي الكبير لم تخل من دراسة نقدية قدمها الناقد بشير حاجم تناول فيها ما سماه (البطل السلبي في أعمال عبد الرحمن الربيعي)، وقد قارب في ورقته النقدية عددا من اﻷبطال الذين خلقهم الربيعي، وﻻسيما بطله كريم الناصري الشخصية الرئيسة في رواية الوشم. وزعم الناقد أن الربيعي هو أول من قدم أبطاﻻ من هكذا نوع في الرواية العراقية، فاتحا الباب لمن جاء بعده ليكون البطل غير ما كان في السابق، حيث ينهار المعنى السائد للبطل وصورته الكلاسيكية ذات اﻷطر اﻷخلاقية النمطية.
       إلى ذلك أتاحت الجلسة التي امتدت على أكثر من ساعتين حوارا مفتوحا بين الحضور الذي ضم عددا من أساتذة القسم وطلاب الدراسات العليا فضلاً عن طلاب المرحلة المنتهية وسواهم، والكاتب الربيعي الذي أجاب على أسئلة متنوعة بأريحية وحضور ذهن وذاكرة حية تثير الدهشة واﻹعجاب، وكان حديثه يعكس للمتلقي تمثله ثقافات واسعة وخبرة عالية في معالجة موضوعات ثقافية وأدبية وفكرية شتى.
      وفي ختام الجلسة اﻻحتفائية قدم رئيس قسم اللغة العربية د. علي خليف حسين درعا يحمل شعار القسم وكلية اﻵداب تثمينا للدور الريادي واﻻبداعي للضيف الكبير القاص والروائي والشاعر العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي متمنيا له مزيدا من اﻻبداع والعطاء، ومشددا في الوقت نفسه على ضرورة اﻻحتفاء بمبدعي العراق ممن خدموا اللغة العربية وآدابها وهو التوجه الذي يحرص عليه قسم اللغة العربية في كلية اﻵداب بجامعة بغداد. من جهته شكر الضيف الكبير مبادرة القسم مقدما عدداً من كتبه التي حملها معه هدية رمزية لطلاب الكلية والباحثين الذين يهمهم اﻻفادة من المكتبة في كلية اﻵداب وقسم اللغة العربية على وجه الخصوص.

Comments are disabled.