برعاية السيد رئيس جامعة بغداد الاستاذ الدكتور علاء عبد الحسين الكيشوان نظمت كلية الآداب في جامعة بغداد مؤتمرها العلمي السنوي الثاني وتحت شعار ( نفكر معاً من أجل الإنسان والمجتمع )، وذلك يوم الاربعاء الموافق للتاسع من شهر كانون أول الجاري على قاعة الادريسي ، وبمشاركة اكثر من ( 52 ) بحثاً قدمها أساتذة وباحثون متخصصون من مختلف الجامعات العراقية والتركية عبر سبع جلسات .
وفي كلمة افتتاح اعمال المؤتمر أكد الأستاذ الدكتور علاء عبدالحسين عبدالرسول رئيس جامعة بغداد:(إن أهمية المؤتمر بالنسبة للمجتمع تأتي من خلال تشخيص السبب الحقيقي للتطرف وفكره السلبي، فالبلد حالياً في معركة مواجهة مع الاٍرهاب والتطرف مهما تعددت مسمياته (داعش، أو القاعدة)، وهذا يتطلب منا توجيه البحث العلمي في العلوم الإنسانية لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة لكبح انتشارها ومنع تكرارها. والسؤال الذي يجدر الاستهلال به في العلوم الانسانية والاجتماعية هو كيف نواجه علميا وعقلانيا الفكر الإرهابي المتطرف وما هي المناهج التي يتعين استخدامها في تفكيك الظاهرة وما الاليات التي يمكن استخدامها في المعالجة الاجتماعية والإنسانية ؟ وكيف يشكل الفكر المتطرف قاعدة فكرية لتسهيل واستساغة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ؟ كما أوصي المؤتمرون ان يخرجوا من هذا المؤتمر العلمي بتوصيات قابلة للتطبيق على ارض الواقع ، فضلا عن الاهتمام بشريحة الشباب وتنمية الفكر الإنساني والعلم والمعرفة للنهوض بالمجتمع .
وناقش المؤتمر عشرة محاور شملت على القانون الدولي والابادة الجماعية، والدوافع السياسية للابادة الجماعية، الابادة الثقافية، الفلسفة والابادة الجماعية ، انثروبولوجيا الابادة الجماعية، وكذلك الابادة الجماعية من منظور العلوم الإنسانية بما فيها علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الآثار والجغرافية واللغة الانكليزية . وقال الأستاذ الدكتور صلاح فليفل عايد الجابري عميد كلية الآداب ( تعد دراسة ظاهرة الابادة الجماعية بادرة ذات أهمية عظيمة في العلوم الإنسانية والاجتماعية من زوايا عدة: الأهمية الاولى انها تعالج خطرا داهما يعاني منه المجتمع العراقي وهو الإبادة الجماعية الذي تعرضت لها مكونات مهمة في المجتمع العراقي في حقبة النظام الدكتاتوري البعثي من إبادة حلبجة والأنفال الى تجفيف الأهوار وتهجير سكانها وهدم وحرق بيوتهم وقتل ابناءهم، والهدف من الدراسة كشف أسباب الظاهرة وفضح مرتكبيها ومنع تكرارها في المستقبل، والاهمية الاخرى هي الخروج بالعلوم الانسانية من عزلتها الاجتماعية والنزول بها الى الواقع العراقي لملامسة مشكلاته وحاجاته الاساسية، الامر الذي يسهم في تبيئة هذه العلوم وجعلها تنتمي الى البيئة العراقية ومشكلاتها بدلا من تكرار مشكلات المجتمعات الغربية وهي مجتمعات بعيده في قيمها وسلوكياتها عن المجتمع العراقي، وليس من مشكلة اكثر الحاحا في الوقت الراهن بالنسبة للمجتمع العراقي مثل جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت سابقا وترتكب حاليا من لدن الجماعات الإرهابية وهي بحاجة الى جهودنا العلمية لإجابة المجتمع العراقي على تساؤلاته المؤلمة ، فضلا عن الأهمية الاخرى تأتي من توجهنا نحو دراسة الواقع بشكل علمي وموضوعي لتنمية الذات الإنسانية اولا، ولإغناء مناهجنا وتطويرها ميدانيا لتكون مؤهلة لتشخيص مشكلات الواقع مثل التطرف والعنف والارهاب، لاسيما الابادة الجماعية التي تعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة إنسانية سواء أكانت قومية أم عرقية أم اثنية أم دينية، والتأثير بشكل متعمد على ظروف حياتها بوساطة التآمر العلني والمباشر والتواطئ والتحريض ، وكذلك الابادة الثقافية ومنع ممارسة الأعراف والتقاليد والعادات في مجتمع ما ، وتأهيل الواقع المؤسسي للعلوم الإنسانية لتتمكن من وضع الحلول لتلك المشكلات الخطيرة ومنع تكرارها ) .
فيما خلصت كلمة الأستاذ الدكتور حسن ناظم رئيس كرسي اليونسكو لحوار الأديان في جامعة الكوفة الى ان الابادة الجماعية كظاهرة في العالم العربي مرتبطة بايديولوجيا النظم وطبيعة الصراع السياسي فيها . وقدم طلبة قسم اللغة الانجليزية انشودة بعنوان السلام . وفي السياق ذاته قدمت كلمة الطائفة الأرمنية في العراق توضيحاً للابادة الجماعية وكيفية معالجتها بالمحبة وثقافة التسامح . وقدم الأستاذ الدكتور طالب الرماحي بحثاً بعنوان المقابر الجماعية زمن النظام البعثي : ابادة وتطهير عرقي ) ، وبحث للأستاذ الدكتور خليل أوزشافلي من تركيا بعنوان (تهجير الأرمن في الوثائق العثمانية)، وبحث للدكتور الشيخ يوسف الناصري بعنوان ( هجوم الوهابية على كربلاء المقدسة عام 1802 م/ 1216 هـ في يوم الغدير ) ، فيما توزع الباحثون المشاركون على جلسات الأقسام العلمية لمناقشة بحوثهم .
وبعدها اشارت التوصيات التي قدمها المؤتمر الى استعداد كلية الآداب جامعة بغداد لتنفيذ مشروع ( اليوم العراقي لمناهضة العنف والابادة الجماعية ) بالاشتراك مع مؤسسات الدولة التربوية والتعليمية والمؤسسات الحقوقية والمنظمات غير الحكومية ، فضلا عن ترجمة البحوث التي ألقيت في المؤتمر الى اللغة الانجليزية للتواصل مع العالم عن طريق البحث العلمي في مجال الابادة الجماعية والعنف وثقافته ، وأهمية تأسيس (مركز بحوث ودراسات الابادة الجماعية في جامعة بغداد)، اشراك وزارات الخارجية والهجرة والمهجرين ومؤسسة الشهداء ومنظمة حقوق الإنسان العراقية في جهود كلية الآداب جامعة بغداد الرامية الى دراسة الابادة الجماعية ، فضلا عن الاستعدادات الجارية للحصول على كرسي اليونسكو لمنع الابادة الجماعية في ربيع السنة الجديدة ٢٠١٦، و العمل على تقديم مشروع الاعتراف بالابادة الجماعية بحق سكان أهوار الجنوب والمقابر الجماعية في الانفال وحلبجة الى مجلس النواب العراقي لتثبيتها كإبادة جماعية تمهيداً لمطالبة الأمم المتحدة بالاعتراف الدولي بها .


Comments are disabled.