ناقشت كلية الآداب – جامعة بغداد في قسم اللغة الإنجليزية أطروحة الدكتوراه الموسومة “دراسة نقدية إدراكية تداولية للافتراض في لغة التغطية الصحفية لانقلاب فاغنر على روسيا في القنوات التلفازية الإنجليزية والعربية” للباحثة فاطمة عبد الستار عزيز.
هدفت الدراسة إلى تناول ظاهرة الافتراض من جانبين رئيسين هما الجانب الإدراكي والجانب التداولي النقدي. فمن الجانب الإدراكي، سعت الدراسة إلى الكشف عن العلاقة بين محفزات الافتراضات والفضاءات العقلية في القنوات التلفازية الإنجليزية والعربية، وهي قنوات الـCNN والـBBC والعربية الحدث والجزيرة. كما هدفت إلى تسليط الضوء على إمكانية تفسير ظاهرة الافتراض في ضوء نظرية الفضاءات العقلية لجيل فوكونييه، ومقارنتها بالنظريات التداولية التقليدية التي تناولت الافتراض سابقًا.
أما من الجانب التداولي النقدي، فقد سعت الدراسة إلى التقصي عن الأفعال السياقية التي يؤديها المتكلمون من خلال الافتراض في القنوات الإنجليزية والعربية، فضلاً عن التعرف على المعطيات السياقية اللغوية وغير اللغوية التي تسهم في أداء هذه الأفعال التداولية داخل السياق الإعلامي.
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج المهمة، كان أبرزها أن الافتراضات في اللغة الإنجليزية تتأثر بالسياق الذي ترد فيه، في حين أن الافتراضات في اللغة العربية تتأثر بالعوامل الدلالية والنحوية بدرجة أكبر. كما أثبتت النتائج أن نظرية الفضاءات العقلية تمتاز بشمولها وعمقها في تفسير ظاهرة الافتراض مقارنة بالنظريات التداولية التقليدية، لما توفره من تصور ذهني متكامل يساعد على فهم العلاقة بين اللغة والعقل في عملية التواصل.
وفيما يخص الجانب التداولي النقدي، أظهرت النتائج أن الأفعال السياقية التي يؤديها المتحدثون من خلال الافتراض في القنوات الإنجليزية والعربية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع هي أفعال العرض، وأفعال التفصيل، وأفعال الحكم. وقد تبين أن أفعال العرض وأفعال الحكم هي الأكثر تداولًا في كلا اللغتين. كما بينت النتائج أن المعطيات اللغوية التي تؤثر في أداء الأفعال التداولية تتمثل غالبًا في الصلة والإشارة اللغوية، بينما تتمثل أهم المعطيات غير اللغوية في الإجهاد في اللغة الإنجليزية، ولغة الجسد في اللغة العربية.
أوصت الدراسة بضرورة توسيع نطاق الأبحاث المستقبلية في مجال الافتراض ضمن إطار نظرية الفضاءات العقلية لما تتمتع به من قدرة على تفسير العمليات الذهنية المصاحبة للفهم والتأويل في الخطاب الإعلامي والسياسي. كما أوصت بأهمية الجمع بين التحليل الإدراكي والتحليل التداولي لفهم أعمق للتوجهات الفكرية والسياسية التي تعبّر عنها اللغة الإعلامية في القنوات المختلفة.
ودعت الدراسة أيضًا إلى ضرورة الاهتمام بالمعطيات اللغوية وغير اللغوية بوصفها عناصر أساسية في تحليل الخطاب، وعدم الاقتصار على الجانب اللساني فقط، لأن الجانب غير اللغوي يؤدي دورًا مكملاً ومؤثرًا في إيصال المعنى. وأخيرًا، أوصت الدراسة بإجراء دراسات مقارنة أوسع تشمل لغات وثقافات متعددة للكشف عن أوجه التشابه والاختلاف في توظيف الافتراض، والاستفادة من نتائج هذه البحوث في تحليل المحتوى الإعلامي وتوجيه النقد الخطابي بما يسهم في فهم أثر اللغة في تشكيل الوعي والرأي العام.

