ناقشت كلية الآداب-جامعة بغداد في قسم علم التاريخ رسالة الماجستير الموسومة “التكافل الاجتماعي وأثره على الحياة العامة في مصر خلال حكم المماليك البرجية (٧٨٤–٩٢٣هـ/١٣٨٢–١٥١٧م)” للطالبة زهراء علي حسين.
هدفت الدراسة إلى الكشف عن مفهوم التكافل الاجتماعي بوصفه ركناً أساسياً في بناء المجتمعات الإسلامية منذ صدر الإسلام؛ إذ أسهم في معالجة الفوارق الطبقية، وتحقيق التوازن بين شرائح المجتمع، وترسيخ قيم العدالة والرحمة، وهو ما برز بشكل واضح خلال حكم المماليك البرجية الذين أداروا شؤون مصر في مرحلة مهمة من تاريخها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتظهر أهمية الموضوع في كونه يسلّط الضوء على جانب حيوي من جوانب الحياة المملوكية، بعيداً عن التركيز التقليدي على الأحداث السياسية والعسكرية، إذ يتناول صورة متكاملة للتفاعل بين الدولة وفئات المجتمع في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. كما تكشف الدراسة عن الدور الكبير الذي لعبته مؤسسات الرعاية الاجتماعية كالبِيمارِستانات والمدارس والأسبلة ومكاتب الأيتام، والتي أسهمت في دعم الفقراء وتحقيق قدر من الاستقرار الاجتماعي.
وتوصلت الدراسة إلى أن التكافل الاجتماعي يمثل امتداداً لتقاليد إسلامية راسخة بدأت منذ عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وامتدت عبر العصور المختلفة، وصولاً إلى العصر المملوكي البرجي الذي شهد تطوراً ملحوظاً في مؤسسات الرعاية والخدمات العامة. كما تبين أن هذا النهج أسهم في تعزيز استقرار الدولة وتقوية العلاقة بين السلطة والشعب، لاسيما في أوقات الأزمات حين عمل السلاطين على تخفيف الضرائب والمكوس دعماً للفئات الضعيفة. وأظهرت الدراسة الدور المحوري للعلماء في ترسيخ قيم التعاون والتكافل، إضافة إلى مشاركة فئة المسالمة التي أسهمت في أعمال الخير ورعاية الأيتام وإغاثة المحتاجين، مما يعكس انخراط جميع فئات المجتمع في منظومة تكافلية متماسكة.
وتنسجم هذه الدراسة مع الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الفقر) والهدف العاشر (الحدّ من أوجه عدم المساواة) عبر تأكيدها على أهمية التكافل والدعم الاجتماعي في تحقيق العدالة الاجتماعية واستقرار المجتمعات، وإبراز دور المؤسسات الخدمية في حماية الفئات الهشة وتعزيز التضامن بين أبناء المجتمع.

