نوقشت بقسم التاريخ في كلية الاداب جامعة بغداد رسالة الماجستير الموسومة بـ(إيمون ديفاليرا ودوره في الحركة الوطنية الايرلندية (1882-1949)) للطالب عمر سهيل نجم وذلك يوم الخميس الموافق 27/ 12 /2018 على قاعة قسم التاريخ وتألفت لجنة المناقشة أ.م. د.حسن علي سبتي رئيساً وعضوية كل من أ.م. د. اثمار كاظم سهيل ومشرفاً و أ.م. د. حسنين عبد الكاظم عضواً و م. د. سحر احم ناجي عضواً .
تهدف الرسالة الى دراسة إيمون ديفاليرا واحد من ابرز قادة الحركة الوطنية الايرلندية, الذي يعود اليه الفضل في تحرير ايرلندة من القيود الدستورية و القانونية التي كبلت بها بريطانيا ايرلندة منذ عام 1170 بداية الاحتلال البريطاني للجزيرة الايرلندية . ولهذا فأن دراسة حياة هذه الشخصية لايمكن فصلها عن تاريخ ايرلندة , لاسيما وأن البداية الاولى لنشاط ديفاليرا السياسي بأنضمامه لنواة المتطوعين الايرلنديين عام 1913ومن ثم الى منظمة الشن فين جاءت مع بداية مراحل الكفاح المسلح ضد الوجود البريطاني داخل ايرلندة وخارجها وذلك بنقل العمليات المسلحة الى داخل اراضي المملكة المتحدة نفسها بهدف زعزعت الأمن والأستقرار فيها لأرغام الحكومة البريطانية على الاستجابة للمطالب الايرلندية , ولهذا فأن دراسة أي مرحلة من مراحل حياته جاءت أنعكاساً طبيعياً لتاريخ تطور الحركة الوطنية الايرلندية.
على الرغم من انضمام ديفاليرا للعمل السياسي منذ عام1913 الا أن اسمه لم يبرز على الساحة السياسية الايرلندية الا بعد ثورة 1916 فقد لفت انتباه قادة الحركة الوطنية بقدراته التكتيكية و شجاعته القتالية عند قيادته للفرقة التي اوكلت اليه في السيطرة على مطحنة بولاند وقطع الطريق امام الجيش البريطاني. وساهمت قدراته الخطابية داخل السجن ودفاعه عن حقوق السجناء اكسبه تقدير واحترام الايرلنديين حتى أن قادة الشن فين الذين تمكنوا من البقاء خارج السجن بعد نكبة 1916 وعلى رأسهم مايكل كولنز أوكلوا الى ديفاليرا زعامة الشن فين وهو داخل السجن.
وأذا كانت ثورة عام 1916 قد نقلت ديفاليرا الى قمة العمل السياسي المسلح, فأن اعتزاله للعنف وتشكيله لحزب الفيانافيل عام1926 نقله الى قمة العمل السياسي الدبلوماسي الذي اوصله الى سدة الحكم عام1932 ليشكل الحكومة لمدة خمسة عشر عاماً دون أي منافس.
نجح ديفاليرا كمناظل في الحركة الوطنية وأجبر الحكومة البريطانية بألاستجابة الى مطالب الحركة الوطنية بمنحهم حكماً ذاتياً تحت أدارة التاج البريطاني وأن لم يكن ذلك جل طموح ديفاليرا, الا انه بالمقابل أظهر حنكه سياسية عند تشكيله لحكومة ايرلندة الحرة من1932-1948 نجح خلالها من بقاء ايرلندة بعيدة عن نار الحرب العالمية الثانية وجنب الشباب الايرلندي مصير الموت من اجل مصالح بريطانيا , ونجح في قيادة سياسة خارجية هدفها خدمة مصالح ايرلندة لا بريطانيا .
يعد ديفاليرا أنموذجاً للقائد العسكري والسياسي المحنك الذي يمتلك حنكة و دراية سياسية مكنته من استغلال الظروف وأنهاء أي رابط قانوني ودستوري لدولة ايرلندة بالتاج البريطاني , أخذ يخطط لأنهاء تقسيم الجزيرة الايرلندية وعودة الستر الى احضان الوطن الام بتباع سياسة الدبلوماسية الهادئة , فقد اصدر دستور جديد لأيرلندة عام1937 ضمن بموجبه حقوق كافة ابناء الشعب الايرلندي كاثوليك وبروتستانت برسالة واضحة لطمأنة بروتستانت الشمال لأنهاء ارتباطهم بالتاج البريطاني والأنضمام لحكومة ايرلندة الموحدة , وكانت خطواته الاخرى هي دفع بريطانيا لأنهاء تقيسم الجزيرة الايرلندية و المحافظة على وحدة ايرلندة بدعوة الستر بالعودة الى ايرلندة من خلال تطور هيكل الكومنويلث البريطاني ونيل هذه الوحدة سيتم في ظل التاج ومن ثم اعلان الاستقلال الذي سوف يمهد لأعلان الحكم الجمهوري.
الا أن استعجال قادة المعارضة من اعلان الجمهورية و اعلان الانفصال عن التاج كما فعلت العديد من دول الكومنويلث دفعهم الى عزل ديفاليرا عن رئاسة الحكومة بموجب استفتاء 1948 وبالتالي القضاء على سياسة الدبلوماسية الهادئة التي اتبعها مع الشمال ومع التاج البريطاني .