شهد قسم علم الاجتماع في كلية الآداب – جامعة بغداد، مناقشة رسالة الماجستير المقدّمة من الطالب قتيبة رعد محمد خضير، الموسومة بـ(تقنيات الذكاء الاصطناعي وأبعاده في الخارطة العسكرية – دراسة اجتماعية ميدانية في محافظة بغداد)، وذلك على قاعة ابن سينا. وتمثل هذه الرسالة أحد الإسهامات البحثية الجديدة في حقل السوسيولوجيا العسكرية، من خلال تسليط الضوء على التقنيات الذكية ودورها في صياغة التحولات البنيوية والوظيفية داخل المؤسسة العسكرية العراقية، عبر مقاربة ميدانية تربط بين البعد التقني والبعد الاجتماعي.

الأهداف:
سعت الدراسة إلى تحليل الكيفية التي يؤثر بها الذكاء الاصطناعي في صناعة الخرائط العسكرية، سواء على مستوى دقة المعلومات أو سرعة اتخاذ القرار، كما هدفت إلى فهم انعكاس هذه التحولات على طبيعة العمل المهني والتنظيمي داخل المؤسسات العسكرية. ومن بين الغايات الأساسية التي ركز عليها الباحث، دراسة أثر الذكاء الاصطناعي في تغيير بنية العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة، وفي كيفية التفاعل مع النظم التقنية، بما يُظهر مدى اندماج التكنولوجيا في البيئة العسكرية بشكل يتجاوز البعد الأدائي نحو البُعد البنيوي والسوسيولوجي.

النتائج:
أظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي أصبح يشكّل أداة فاعلة في إعادة تشكيل الخارطة العسكرية، من خلال توفير إمكانية الوصول السريع إلى الواقع الميداني، وتمكين القيادات من اتخاذ قرارات دقيقة وفورية استنادًا إلى تحليلات رقمية آنية. كما أشارت النتائج إلى تحولات اجتماعية واضحة تمثّلت في تبدّل أنماط العلاقة بين الكوادر العسكرية، وظهور مخاوف تتعلق بالخصوصية، والتحكم بالبيانات، والمخاطر المرتبطة بسوء الاستخدام أو غياب التنظيم. وبناءً على هذه النتائج، بات واضحًا أن الذكاء الاصطناعي لا يؤدي فقط إلى تحسين الكفاءة الميدانية، بل يفتح نقاشًا عميقًا حول إعادة تنظيم البنية الاجتماعية داخل المؤسسة العسكرية.

التوصيات:
طرحت الدراسة مجموعة من المقترحات التي يمكن أن تساهم في بناء استراتيجية وطنية متكاملة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري العراقي. من أبرزها أهمية تطوير البنية التحتية الرقمية الدفاعية، مع ضمان توفير قواعد بيانات آمنة وشبكات تكنولوجية محمية تدعم إنتاج ومعالجة الخرائط الذكية. كما أكدت الدراسة ضرورة تحديث نظم العمل العسكري بما يتماشى مع التحولات الرقمية، مع توفير برامج تدريب مستمرة تستهدف العاملين في مجالات الهندسة، والاستخبارات، والتخطيط العسكري. وشددت على أهمية إشراك التخصصات الاجتماعية والتقنية في عمليات التخطيط الدفاعي، وتعزيز مفاهيم الحوكمة التقنية، بما يضمن الاستخدام المنضبط والآمن للتقنيات الذكية بعيدًا عن المخاطر الفردية أو الاستغلال المؤسسي.

Comments are disabled.