ناقش قسم علم الاجتماع في كلية الآداب رسالة دبلوم عالي للباحث قصي صادق موسى، التي حملت عنوان “البرامج الإذاعية ودورها في بناء السلام: إذاعة الفرقان نموذجاً”. تأتي هذه الدراسة في إطار الاهتمام المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الإعلام، وبالأخص الإذاعة، في تعزيز قيم التعايش السلمي وبناء السلام في المجتمعات. إذ تتميز الإذاعة بقدرتها على الوصول الفوري إلى شرائح واسعة ومتنوعة من الجمهور، بما في ذلك الفئات التي تفتقر إلى وسائل الاتصال الحديثة، مما يجعلها منصة فريدة للتأثير الاجتماعي والثقافي.

أهداف الدراسة:
سعت الدراسة إلى تسليط الضوء على طبيعة البرامج والخدمات التي تقدمها إذاعة الفرقان في سبيل تعزيز مفهوم بناء السلام، وذلك من خلال تحليل محتوى الرسائل التي تبثها الإذاعة وكيفية توجيهها للرأي العام لتعزيز قيم التسامح والحوار السلمي. كما هدفت إلى قياس مدى فاعلية هذه البرامج في التأثير على المستمعين، ومدى قدرتها على المساهمة في حل النزاعات بطرق سلمية. لتحقيق هذه الأهداف، اتبعت الدراسة منهج المسح الاجتماعي واستخدمت أدوات بحث متنوعة شملت الاستبانة والملاحظة والمقابلات، مع تحليل إحصائي دقيق لبيانات عينة مكونة من 200 مشارك تم اختيارهم بعناية من مجتمع شبكة الإعلام العراقي في محافظة بغداد.

النتائج:
أسفرت نتائج الدراسة عن مجموعة من المؤشرات التي تؤكد الدور المؤثر الذي تلعبه إذاعة الفرقان في مجال بناء السلام. فقد عبر الغالبية العظمى من المشاركين، بنسبة تقارب 90%، عن ثقتهم العالية في الإذاعة كمصدر موثوق للمعلومات، مما يعزز من مكانتها الإعلامية. كما أشاد معظمهم بدور الإذاعة في رفع الوعي المجتمعي حول مفاهيم بناء السلام، وتأكيدها على قيم حقوق الإنسان ورفض التمييز الديني والعرقي. هذه النتائج تعكس قدرة البرامج الإذاعية على تشكيل وعي جماهيري إيجابي يساهم في نشر ثقافة التسامح والحوار المجتمعي البناء.

التوصيات:
انطلاقاً من هذه النتائج، أوصت الدراسة إذاعة الفرقان بضرورة الاستمرار في تطوير برامجها الحوارية التي تتيح فرصة التلاقي بين مختلف المكونات الاجتماعية، وذلك لتكريس ثقافة قبول الآخر وتعزيز الروابط الاجتماعية بعيداً عن الخطابات التي تثير الانقسام. كما دعت الدراسة هيئة الإعلام والاتصالات إلى تقديم الدعم الفني والتشريعي للإذاعات المحلية التي تبث رسائل سلمية، مع تشجيعها على تقديم محتوى يعزز مفاهيم التعايش والمواطنة. بالإضافة إلى ذلك، نوهت الدراسة إلى أهمية قيام وزارة الثقافة بإدراج قضايا السلام والتنوع الثقافي ضمن السياسات الإعلامية الرسمية، والعمل على تحفيز الإنتاج الإذاعي الذي يعزز القيم الإيجابية في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات. وأخيراً، وجهت توصية إلى المؤسسات التربوية والإعلامية بضرورة إقامة شراكات مع الإذاعات المحلية لإنتاج برامج تستهدف الشباب والطلبة، تركز على تعزيز الوعي النقدي، وتفكيك الصور النمطية، وتشجيع السلوكيات السلمية كجزء من جهود بناء مجتمع أكثر انسجاماً وسلاماً.

Comments are disabled.