في سياق اهتمام كلية الآداب – جامعة بغداد بدراسة الظواهر النفسية والاجتماعية المرتبطة بالأمن والسلوك الإجرامي، شهد قسم علم النفس مناقشة رسالة ماجستير تقدم بها الباحث “حسين صكر ناصر السوداني”، تحت عنوان:”أساليب التفكير الإجرامي وعلاقتها بالشعور بالخزي لدى الموقوفين في جهاز الأمن الوطني العراقي”، وقد تم إجازة الرسالة بتقدير “جيد جداً عالٍ”بعد مناقشة علمية رصينة عكست أهمية الموضوع وتشعباته النظرية والتطبيقية.
الأهداف:
هدفت الدراسة إلى تفسير إشكالية معرفية ونفسية دقيقة تمثلت في استكشاف أساليب التفكير الإجرامي السائدة لدى الموقوفين ضمن جهاز الأمن الوطني، ومدى علاقتها بمشاعر الخزي التي قد تلازم هذا النمط من التفكير. وقد سعى الباحث إلى الكشف عن الفروق الإحصائية في هذه المتغيرات بحسب الجنس، والعمر، والتحصيل الدراسي، والحالة الاجتماعية، مع محاولة قياس مستوى العلاقة الارتباطية بين المتغيرين الأساسيين: التفكير الإجرامي والشعور بالخزي، وذلك ضمن عينة قوامها (200) موقوف وموقوفة.
النتائج:
أسفرت النتائج عن جملة من المؤشرات اللافتة، إذ بيّنت أن أفراد العينة لا يتبنون أساليب تفكير إجرامية بشكل عام، كما أن الشعور بالخزي لم يكن حاضراً بصورة واضحة في شخصياتهم، الأمر الذي يثير تساؤلات تحليلية حول تأثيرات السياق الأمني والقانوني على البناء النفسي للموقوفين. غير أن الدراسة كشفت في الوقت ذاته عن وجود علاقة ارتباطية طردية بين أساليب التفكير الإجرامي والشعور بالخزي، ما يدل على أن تصاعد أحد المتغيرين قد يؤدي إلى تصاعد الآخر ضمن بيئات معينة أو تحت ضغوط نفسية وسلوكية خاصة.
التوصيات:
وقد خرجت الدراسة بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز البُعد الإصلاحي في التعامل مع الموقوفين، من أبرزها الدعوة إلى تبني القضاء العراقي لأحكام إصلاحية تعيد دمج الأفراد في المجتمع بدلاً من الاقتصار على العقوبات، إضافة إلى اقتراح برامج توعوية تنفذها هيئة النزاهة في مؤسسات الدولة لتعزيز الوعي القانوني والحد من السلوكيات المنحرفة. كما شددت الدراسة على أهمية غرس القيم الأخلاقية في مراحل الطفولة المبكرة عبر المناهج التربوية، واقترحت التوسع بإجراء دراسات مشابهة تستهدف فئات وظيفية عليا في الدولة، إلى جانب العمل على تقنين أدوات القياس النفسي الخاصة بالتفكير الإجرامي في البيئة العراقية.