ناقش قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة بغداد رسالة الماجستير الموسومة “الأيديولوجيا في الفلسفة الماركسية: نماذج مختارة”، المقدّمة من الطالب “زانيار قادر حمه صالح”، بحضور لجنة علمية مختصة. تناولت الرسالة واحدًا من أكثر المفاهيم إثارةً للجدل في الفكر السياسي والاجتماعي، ألا وهو مفهوم “الأيديولوجيا”، بوصفه أداة فاعلة في تشكيل الوعي وإعادة إنتاج الواقع، وذلك من خلال تحليل تحوّلاته الفكرية في إطار الفلسفة الماركسية.
تناولت الدراسة كيفية انتقال الأيديولوجيا من فضاء السياسة إلى الحقول المعرفية الأخرى، مركزةً على طرح “ألتوسير”حول “أجهزة الدولة الأيديولوجية”، حيث تتسلل الأيديولوجيا إلى مؤسسات المجتمع المدني، وعلى مفهوم “الهيمنة الثقافية” لدى “غرامشي”الذي يُبرز كيف تفرض الطبقة الحاكمة نمطًا ثقافيًا مهيمنًا بوصفه طبيعيًا ومقبولًا.
أما عند “جيجيك”فقد تم تحليل البنية النفسية والرمزية للأيديولوجيا وعلاقتها بالذات والواقع، في حين ناقشت الدراسة مع “ماركوز”كيف تُستخدم التكنولوجيا كأداة أيديولوجية لطمس الحرية الفردية في المجتمع الصناعي.
أهداف الدراسة:
سعت الدراسة إلى تحليل البنية التاريخية والمعرفية لمفهوم الأيديولوجيا في سياق الفلسفة الماركسية، مع التركيز على مراحل تحوّله من أداة نظرية إلى وسيلة للهيمنة. وهدفت كذلك إلى قراءة هذا المفهوم في أعمال مفكرين بارزين أمثال “كارل ماركس”، “لويس ألتوسير”،”أنطونيو غرامشي،”سلافوي جيجيك، و”هربرت ماركوز”، من أجل فهم آليات اشتغاله في تكوين الوعي الجماعي وتكريس البنى الطبقية.
النتائج:
أظهرت النتائج أن الأيديولوجيا لم تعد مقصورة على الخطاب النخبوي، بل أصبحت بنية تحتية خفية، تتغلغل في تفاصيل الحياة اليومية، وتُنتج وعياً زائفاً يعوق إمكانية التغيير ويُكرّس استمرارية الأنظمة السائدة. كما بيّنت الرسالة أن مجالات مثل العلم والدين والفلسفة والسياسة، وحتى بعض ملامح الفكر الماركسي ذاته، قد خضعت للأدلجة، مما أفرغها من مضامينها الأصلية.
التوصيات:
أوصت الدراسة إلى ضرورة إعادة النظر في المفهوم السائد للأيديولوجيا، والعمل على “تفكيك آلياتها داخل المنظومات الاجتماعية والتعليمية”، وأوصى الباحث بأهمية تعزيز الوعي النقدي الذي يُمكن الفرد من تجاوز الأنماط الفكرية المغلقة، ومقاومة محاولات تزييف الواقع، عبر التمسك بالفكر الحر القادر على إعادة صياغة علاقة الإنسان بالحقيقة.