ناقشت كلية الآداب جامعة بغداد بقسم الآثار رسالة الماجستير الموسومة”عقود الرهن في ضوء النصوص المسمارية المنشورة وغير المنشورة من العصر الآشوري الوسيط من (تل الفخار)، للطالب تقي أحمد كاظم .
هدفت الدراسة الى تعريف عقود الرهن في بلاد الرافدين في مدة العصر الآشوري الوسيط، وما هي أصنافه وشروطه الجزائية، وما هي المواد القانونية التي عالجت حالات الرهن في القوانين لا سيما قانون حمورابي (1792- 1750 ق.م)، وقانون العصر الآشوري الوسيط (1450- 1250 ق.م)، ومعرفة الجذور التأريخية لعقود الرهن في بلاد الرافدين، وكذلك من الأهداف المهمة في الدراسة هي تسليط الضوء على مصطلح عقد رهن تيدنوتو tidennūtu، الذي كان يستعمل كصيغة أساسية لعقود الرهن في العصر الآشوري الوسيط، ومعرفة أصل وماهية هذا المصطلح، وكيفية صياغته في العقود، وما هي الشروط والفوائد المتعلقة بعقود رهن تيدنوتو tidennūtu، من خلال دراسته في ضوء النصوص المسمارية المنشورة وغير المنشورة من العصر الآشوري الوسيط من (تل الفخار).
أما أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة هي:
أن عقود الرهن التي دونتها النصوص المسمارية كانت هي إحدى الوسائل التي التجأ إليها الإنسان قديماً لسد حاجته اليومية من خلال الإنتفاع بالرهن، إذ كانت عقود الرهن واحدة من العقود الشائعة في العصر الآشوري الوسيط والتي سلطت الضوء على واقع المجتمع الآشوري انذاك، إذ كان يلتجأ إليه الأفراد لا سيما طبقة الفقراء وعوائل الفلاحين بسبب ظروف اقتصادية دفعتهم إلى استعمال الرهن كوسيلة لتسهيل أمور حياتهم اليومية، ولسد حاجتهم من خلال الإنتفاع به، فقد عملوا على رهن بعضاَ من ممتلكاتهم الشخصية واعطائها للمرتهنين مقابل الحصول على بعض من الأموال أو الحيوانات أو أي مواد آخرى، وهذه الممتلكات التي كانت تعطى للمرتهن كانت تمثل سندات ضمان في حال الإخلال في العقد الذي عقد بينهما، ونتج هذا بدوره منفعة متبادلة بين الطرفين (الراهن والمرتهن)، إذ يحصل المرتهن على فوائد من الأموال أو المواد التي أعطاها للراهن، بينما ينتفع الراهن من الأموال والمواد التي حصل عليها من المرتهن، وأن هذه العقود كانت تدون ضمن عقد قانوني رسمي يدون بين الطرفين ويذكر فيه ما تم تبادله بينهم وبمدة زمنية محددة وبحضور عدد من الشهود ومختوم باختامهم حتى يضيف للعقد شرعيته، فضلاً عن ذكر المكان الذي دون فيه العقد، وقد تنوعت عقود الرهن في بلاد الرافدين الى نوعين لا سيما في العصر الآشوري الوسيط، النوع الأول عقود الرهن الشخصي والذي يشير الى رهن الأشخاص، ففي هذه العقود كان الشخص الراهن يعطي أحد أفراد عائلته للشخص المرتهن كـ(مرهون) مثل الزوجة أو الابن أو العبد أو الأمة، وأحياناً حتى يرهن الراهن نفسه للشخص المرتهن، أما النوع الثاني عقود الرهن العقاري والذي يشير إلى رهن الحقول أو البيوت، إذ كان يقوم الراهن باعطاء ما يملكه من بيوت أو حقول الى الشخص المرتهن، وكان الرهن في بلاد الرافدين لا سيما في العصر الآشوري الوسيط عبارة عن رهن حيازي، ينص على إبقاء الشيء المرهون لدى الراهن، إذ يحق للراهن أن يباشر سلطته القانونية كالهبة أو الوصية أو أي عمل آخر تالي لحق الرهن الحيازي طالما هذا الفعل لا يمس حق المرتهن ولا بسلامة الرهن، عالجت قوانين بلاد الرافدين كـ(قانون حمورابي وقانون العصرالآشوري الوسيط)، موضوعة عقود الرهن في حالة الرهن الشخصي والرهن العقاري، من خلال تدوين مواد قانونية تنص على معالجة حالات الرهن وضمان حق الأطراف المتعاقدة، وحرص سكان بلاد الرافدين قديماً على ضمان حق الراهن والمرتهن من خلال وضع شروط جزائية لمنع الإخلاء بالعقد وخرقه.