ناقشت في قسم اللغة الانكليزية في كلية الآداب في جامعة بغداد أطروحة الدكتوراه الموسومة” تحليل تداولي اجتماعي للترفيه السياسي في الخطاب التفاعلي الإنجليزي ” للباحث” شوقي خضير إسماعيل الجبوري” وقد أجيزت الأطروحة ” بتقدير جيد جداً عالٍ “
تبحث الدراسة في التداولية الاجتماعية للمشاركة ضمن ظاهرة “الترفيه السياسي” الناشئة، حيث تتداخل السياسة مع الترفيه لإعادة تشكيل الخطاب العام. اعتمادا على الأطر النظرية للتداولية الاجتماعية والترفيه السياسي، تحقق الدراسة الحالية في آليات المشاركة المُعقَدة في المقابلات التلفزيونية، حيث يتم استضافة السياسيين في البرامج الترفيهية، مما يُشكل حدث الترفيه السياسي. وتتناول الدراسة أربعة أسئلة بحثية رئيسية:
1 كيف يمكن تفكيك الثنائية التقليدية (المتحدث والمستمع) إلى ادوار مشاركة أدق في أحداث الترفيه السياسي؟
2 إلى أي مدى توظف أدوار الخطاب وتحولات المواقف من قبل المشاركين في الترفيه السياسي؟
3 ما هي الأنماط البارزة لسلوكيات المشاركين في أحداث الترفيه السياسي؟
4 كيف تؤثر ظاهرة الترفيه السياسي على أدوار الخطاب وهويات المشاركين الاجتماعية؟
تعتمد الدراسة منهجًا متعدد الأدوات لتحليل مجموعة بيانات من مقابلات برنامج “Real Time with Bill Maher™️” الذي يقدمه بيل ماهر، مع التركيز على أدوار المشاركين و الاستراتيجيات التفاعلية والآثار الثقافية-الاجتماعية لدمج الاتصال السياسي مع الترفيه. تستخدم الدراسة إطار المشاركة الخاص بهولت وأودريسكول (2021) وإطار الترفيه السياسي للمغربي (2021) لتحليل المشاركة عبر ثلاثة مستويات: العبارة، الحديث، والحدث، باستخدام الأساليب الكمية والنوعية. على الصعيد الكمي، تحدد الدراسة أنماط تعيين الأدوار، وتحولات المواقف، وتفاعل الجمهور. أما على الصعيد النوعي، فتضع هذه الأنماط في سياق الترفيه السياسي، موضحةً كيف تؤثر عناصر مثل الشخصنة، و الشحن العاطفي، والتبسيط الإعلامي على الخطاب السياسي.
من خلال دمج هذه الأبعاد، تقدم الدراسة فهمًا متعمقًا لكيفية هيكلة وإعادة تعريف التفاعلات التداولية الاجتماعية ضمن نموذج الترفيه السياسي. تبرز النتائج الدور المزدوج للترفيه السياسي كوسيلة لتعزيز ديمقراطية الخطاب السياسي وفي الوقت نفسه تسلية الجمهور. كما تؤكد الدراسة أهمية الانماط التفاعلية في تشكيل تصورات الجمهور حول السياسة، مما يسهم في أبحاث التداولية الاجتماعية والتواصل الإعلامي. تُعد هذه الدراسة من أوائل المحاولات لتحليل الترفيه السياسي لغويًا من منظور تداولي اجتماعي، مقدمةً رؤى نقدية حول تأثيراته على الممارسات الديمقراطية المعاصرة
توصيات الدراسة
استنادًا إلى نتائج الدراسة وسياقها النظري والتطبيقي، تقترح الدراسة الحالية الآثار النظرية والتطبيقية التالية، في محاولة لتعميق الفهم لإطار المشاركة وظاهرة الترفيه السياسي:
تشير النتائج إلى أن النماذج التداولية الاجتماعية التقليدية، التي تركز على ثنائية المتحدث والمستمع، قد لا تكون كافية لتحليل التفاعلات المعقدة في سياقات الترفيه السياسي. وبالتالي، هناك حاجة إلى إعادة النظر في هذه النماذج لتشمل أدوارًا أكثر تفصيلًا تعكس ديناميكيات المشاركة، مثل دور المؤلف، والمالك، والمفسر، والمبرر، ضمن سياقات متعددة المستويات.
ينبغي على برامج التدريب الإعلامي أن تدمج وحدات خاصة بالوعي التداولي الاجتماعي، مع التركيز على كيفية توظيف تحولات المواقف وأطر المشاركة بشكل استراتيجي في الحوارات التلفزيونية والمناظرات والبرامج الترفيهية ذات الطابع السياسي. يساعد هذا الفهم مقدمي البرامج والصحفيين والسياسيين على التفاعل بذكاء مع الجمهور، من خلال تحقيق توازن بين الترفيه والمسؤولية السياسية.
يمكن للمؤسسات التعليمية الاستفادة من نتائج الدراسة في تطوير مناهج محو الأمية الإعلامية، عبر تدريب الطلاب على تحليل أطر المشاركة في الإعلام السياسي-الترفيهي. سيمكن هذا الطلاب من التعرف على كيفية توظيف الشخصيات السياسية والإعلامية للأدوار التداولية من أجل السيطرة على السرديات، والتأثير في الرأي العام، والموازنة بين الصورة الشخصية والهوية السياسية. كما يعزز ذلك التفكير النقدي لدى الطلاب حول كيفية تشكيل الرسائل السياسية في سياقات إعلامية مسلية.
تعكس هذه التوصيات الحاجة إلى تعزيز البعد التداولي الاجتماعي في تحليل الخطاب السياسي المعاصر، لاسيما في ظل اندماجه المتزايد مع الترفيه، وهو ما يجعل من فهم استراتيجيات المشاركة والتأطير أمرًا جوهريًا لفهم الديمقراطية الإعلامية الحديثة.