ناقش قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة بغداد أطروحة الدكتوراه الموسومة: “(الكنيسة النسطورية في ظل الحكم الإسلامي (1-334هـ/ 622-945م): دراسة في أحوالها العامة)”، والمقدمة من الطالب أكرم عبد الله مخلف.

الهدف من الدراسة:
تعنى هذه الدراسة بالبحث في أحوال الكنيسة النسطورية في ظل الحكم الإسلامي خلال الفترة الممتدة من نشأة حكومة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية عام (1 هـ / 622م) وحتى بداية عصر تسلط البويهيين على الخلافة العباسية عام (334هـ / 945م). إذ تُعد الكنيسة النسطورية من المؤسسات الكنسية المسيحية المشرقية العريقة التي نشأت وترعرعت على أرض بلاد الرافدين منذ القرن الأول الميلادي حتى اختزل المشرق كنسيًا فيها، فعُرفت في عصورها المبكرة بمسمى “(كنيسة المشرق)” نسبةً إلى شرق نهر الفرات باعتباره الحد الفاصل بين حدود إمبراطورتي الفرس والرومان، واستمرت في التبشير بالمسيحية في المنطقة الممتدة من مشرق نهر الفرات وحتى أقاصي الشرق.
وفي عصر النبوة الإسلامي (1-11هـ/622-632م)، كانت الكنيسة النسطورية تعيش في كنف الدولة الساسانية. ونجد أن الصلات بين الطرفين اقتصرت على بعض المحاولات لجاثليق الكنيسة النسطورية للتواصل مع حاكم الدولة الإسلامية الناشئة، الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، لبيان حقيقة موقف النساطرة وأنهم غير معادين للمسلمين ولا موالين لأي من أعدائهم، سواء كانوا البيزنطيين أم الساسانيين.
أما عصر الخلفاء الراشدين، فقد شهد تصاعدًا في وتيرة الصلات بين الحكم الإسلامي وبين الكنيسة النسطورية. لذا، نجد الجاثليق إيشوعياب الثاني الجدالي يسعى للتواصل مع الخليفة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) لبيان حقيقة موقف النساطرة من الدولة الإسلامية الناشئة. كما أن الجاثليق ذاته، وفق المصادر النسطورية، تواصل مع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه). أما الجاثليق القديس إمة (26-29هـ/646-649م)، فقد نال عهدًا من الخلفاء لحفظه وحفظ رعيته، وكان يُظهره للقادة والولاة.
أهم الاستنتاجات:
* أنه في عصر النبوة الإسلامي (1-11هـ/622-632م)، ونظرًا لكون الدولة الإسلامية كانت فتية، كما أن الكنيسة النسطورية كانت تعيش في كنف الدولة الساسانية، فقد اقتصرت الصلات بين الطرفين على بعض المحاولات لجاثليق الكنيسة النسطورية حينها، الجاثليق إيشوعياب الثاني الجدالي (8-25هـ/628-646م)، للتواصل مع حاكم الدولة الإسلامية الناشئة، الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، لبيان حقيقة موقف النساطرة وأنهم غير معادين للمسلمين ولا موالين لأي من أعدائهم، سواء كانوا البيزنطيين أم الساسانيين.
* أما عصر الخلافة الراشدة (11-41هـ /632-661م)، فقد شهد تصاعدًا في وتيرة الصلات بين الحكم الإسلامي وبين الكنيسة النسطورية. لذا، نجد الجاثليق إيشوعياب الثاني الجدالي يسعى للتواصل مع الخليفة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) لبيان حقيقة موقف النساطرة من الدولة الإسلامية الناشئة.
* أن أشد العصور وطأة على الكنيسة النسطورية ورعاياها كان هو العصر الأموي (41-132هـ / 661 -749م)، إذ إن النساطرة حُرموا من أي إمكانية حقيقية للإسهام السياسي والإداري والمعرفي.
* أما أزهى العصور الإسلامية التي شهدت إسهامًا سياسيًا وإداريًا ومعرفيًا فاعلًا للكنيسة النسطورية ورعاياها، فإنه العصر العباسي (132-334هـ/ 749- 945م)، إذ كان اتخاذ العباسيين من العراق مقرًا لحكمهم مطلع السعد للمسيحيين النساطرة، فشهد هذا العصر اتساعًا في إسهامات الكنيسة النسطورية وجثالقتها.
* لكن ما ذُكر سابقًا لا ينفي أن الكنيسة النسطورية قد مرت ببعض مراحل الضنك في العصر العباسي، وكان جلها بفعل تسلط العلمانيين من المسيحيين النساطرة المقربين من بلاط الخلفاء العباسيين، إذ كانوا يقومون بتصفية حساباتهم في أروقة الكنيسة النسطورية، ونقل آثار خلافاتهم تلك إلى محافلها.

Comments are disabled.