ناقش قسم التاريخ في كلية الآداب – جامعة بغداد، رسالة الماجستير الموسومة “لجنة مونرو عام 1932 وأثرها على الواقع التعليمي في العراق: دراسة تاريخية”،للطالب”محمد عبد الوهاب حسين”،بحضور نخبة من الأساتذة والباحثين المختصين. وتعد هذه الرسالة واحدة من الدراسات الجادة التي تسلط الضوء على محطات مفصلية في تطور النظام التعليمي العراقي في النصف الأول من القرن العشرين.

الأهداف:
تهدف هذه الدراسة إلى توضيح الدور التاريخي للتعليم في بناء الدولة العراقية الحديثة، والكشف عن الأثر الذي تركته لجنة مونرو في رسم مسار النظام التعليمي خلال تلك الفترة. كما تسعى إلى تحديد العلاقة بين التوصيات التي قدمتها اللجنة والواقع الاجتماعي والسياسي في العراق، وتحليل التباين في وجهات النظر حول جدوى التقرير، بالإضافة إلى استعراض التحديات التي واجهها النظام التعليمي آنذاك من منظور لجنة أجنبية سعت إلى إصلاحه من الداخل.

النتائج:
توصلت الرسالة إلى جملة من النتائج المهمة، أبرزها أن تقرير لجنة مونرو شكل محاولة جذرية لإعادة هيكلة التعليم في العراق، إلا أنه في بعض مفاصله تجاوز الإمكانات الواقعية والمجتمعية، مثل رؤيته غير المنصفة لتعريف “المواطن الصالح”، أو اقتراحات تنطوي على خرق للبنية القبلية والاجتماعية مثل تعيين شيخ من مركز إعداد المعلمين. كذلك، تبين أن تنفيذ التوصيات كان يفوق طاقة وزارة المعارف من الناحية المالية والتنظيمية.
ورغم هذه المآخذ، فإن التقرير أرسى مبادئ مهمة كتأسيس ثقافة “التجريب التربوي”، والإيمان بالمرحلية والمرونة في تطبيق التغيير، وطرح آليات لتفعيل دور المدرسة في الحياة المجتمعية وتحقيق الشراكة بين التعليم والاقتصاد عبر دعم القطاعات الحرفية والفنية. كما أظهر التقرير وعياً بأهمية عدم إلغاء النظام القديم بل تطويره، ومثال ذلك تعزيز مادة الرياضة وتغيير طبيعة الألعاب، ودعم الحركة الكشفية لا إلغاؤها.

التوصيات:
أوصت الدراسة بضرورة إعادة قراءة الوثائق التاريخية المتعلقة بالإصلاح التعليمي من منظور نقدي وتحليلي يأخذ بالاعتبار السياق المحلي والثقافي للعراق، وتفعيل دراسات مقارنة بين التجارب التعليمية السابقة والراهنة للاستفادة من الدروس المستخلصة. كما دعت إلى اعتماد رؤية وطنية مستقلة في رسم سياسات التعليم تستند إلى حاجات المجتمع العراقي وقيمه، مع أهمية إشراك الباحثين والمؤرخين في صياغة القرارات التعليمية لضمان عمق الفهم التاريخي والاستشراف المستقبلي. وأكدت التوصيات كذلك على ضرورة إحياء مبدأ التجريب التربوي المعتمد في تقرير مونرو، وتطويره بما يتناسب مع المتغيرات الحديثة، وعدم استنساخ التجارب الأجنبية دون تمحيص أو مواءمة مع الخصوصية الوطنية.

Comments are disabled.